في كل بلد في العالم هناك مجموعة من القيم والأفكار التي تحكم العلاقات الاجتماعية والثقافية فيه. وهذا ما يفسر وجود اختلافات في المفاهيم بين بلد وآخر. وعلى الرغم من واقع تلاقي الثقافات المختلفة في كثير من النقاط أيضاً إلا أن حقيقة وجود اختلافات عميقة تتطلب بالفعل معرفة بعض المفاهيم المهمة السائدة في البلد الذي تعيش فيه، والتي تعتبر بدورها من الأمور المهمة في فهم المجتمع والاندماج فيه. هنا عن أبرز المفاهيم المتعلقة بالجنس والحب في ألمانيا:

متحف المثلين جنسيا في برلين
احترام القرار الشخصي
حين يدور الأمر حول الحب والجنس في ألمانيا، فإن المفهوم الأهم هو أن: المرء يبحث في ألمانيا بنفسه عن العلاقة مع طرف آخر، يحدد بنفسه أيضا طبيعة العلاقة الجنسية ومع من يعيش ومع من يمارس الجنس، بغض النظر عن رأي الأهل والأسرة والأقارب والدين. عندما يتفق الطرفان على العلاقة – بين الأشخاص البالغين وفقط البالغين – حينها يكون كل نوع من العلاقة الجنسية مسموح. بغض النظر إن كانوا متزوجين أم لا، أو العلاقة مع نفس الجنس ( بين النساء، أو بين الرجال). يجب قبول امتناع الطرف الآخر تحت أي ظروف كانت، حتى لو كان القبول بالإيجاب قد سبقها. حتى في العلاقة الزوجية، الاعتداء الجنسي أو الإكراه على الجنس ممنوع ويعاقب عليه القانون.
وجوه الغزل والاستعداد لدخول اللعبة
هنا نعني اللقاء المثير عن طريق الكلام أو النظرات بين شخصين. هو في الواقع لعبة القرب والحفاظ على مسافة أيضاً. بداية الغزل يمكن أن يكون عن طريق نظرة، والتي تفتح الباب للخطوة التالية، الكلام ، وربما عن طريق نكتة مضحكة. الغزل لعبة غير ملزمة من التلميحات والاحتمالات. لكن احذر: قبول الغزل والدخول في لعبته لا يعني أبدا أن النهاية ستكون علاقة جنسية. بالإضافة إلى أن في ألمانيا أمر عادي، أن ينظر المرء لعيون الآخر خلال التحية. ومن يبتسم، يريد أن يصبح ودوداً ليس أكثر من ذلك ربما، دون الاستعداد ربما للدخول في لعبة الغزل.
الحفلات.. بوابة التعارف
تمثل الحفلات المكان الأفضل لتثبيت العلاقات أو التعرف على أناس آخرين أو الغزل. وتُقام الحفلات عادة في حلقة من الأصدقاء أو في أماكن عامة كالبارات أو المراقص. تمنح الحفلات أجواء غير رسمية بين الأصدقاء والمعارف، عادة تكون هناك موسيقى، أحيانا يرقص المدعوون. وهنا يجب ملاحظة الأمر التالي: الرقص معا لا يعني بالضرورة دعوة للمس المباشر. ويشرب الناس عادة في الحفلات الكحوليات، التي تلطف الأجواء في حالة الشرب قليلاً، أو تؤدي إلى حالة الانهيار أحياناً في حالة الشرب كثيراً.
مؤسسة الزواج
على الرغم من التغيير الذي طرأ على الحياة في الغرب منذ عقود لكن الزواج بقي المؤسسة الأهم في العلاقة بين الرجل والمرأة. يُقدّر عدد الأزواج في ألمانيا بحوالي 18 مليون. وحسب استطلاعات للرأي، فإن حوالي ثلثي الألمان مازالوا يعتقدون أن علاقاتهم الزوجية كانت نتيجة الحب الكبير بين الطرفين، والتي “تبقى صامدة مدى الحياة”. لكن منذ 60 عاماً تقريباً تقلص عدد حالات الزواج في ألمانيا إلى النصف عما كانت عليه سابقاً. وبالعكس ارتفع عدد حالات الطلاق. ويُقدّر عدد الآباء أو الأمهات ممن يرعون أطفالهم لوحدهم بحوالي 20 في المئة. العلاقة الزوجية ممكنة أيضاً كـ”رابطة حياة” بالنسبة لمن تربطهم علاقة مثلية جنسية، لكن هناك بعض الحدود القانونية لذلك. الزواج المرتب مسبقا حالة غير مألوفة في ألمانيا. كما أن الزواج من القاصرين ممنوع قانونياً، حاله حال الزواج بأكثر من شخص، حيث يعتبر تعدد الزوجات ممنوعاً أيضاً.
حقوق متساوية بين الجنسين
يتمتع الرجال والنساء في ألمانيا بحقوق متساوية. ففي ألمانيا مثلاً تجلس على هرم السلطة في الحكومة السيدة أنغيلا ميركل. ويمنع القانون أي نوع من التمييز ضد الجنس الآخر. ويمكن للنساء ممن يتعرضن للعنف من قبل الرجال التقدم بالشكوى لدى السلطات المسؤولة أو طلب المساعدة من جمعيات خاصة. وتوجد في كثير من المدن منازل خاصة بالنساء، كمأوى يوفر الحماية لهن من الرجال في حال تعرضن للعنف.
المثليون جنسياً
تعتبر المثلية الجنسية من العلاقات المقبولة في المجتمع الألماني. وأي تمييز سلبي ضد المثليين جنسياً من النساء والرجال ممنوع. يمكن للمثليين جنسياً التمتع تقريباً بكل الحقوق الزوجية المنصوص عليها قانونياً من خلال “علاقة مسجلة”. وقد كافح المثليون من النساء والرجال في ألمانيا على مدار عقود للحصول على حقوقهم القانونية. حتى عام 1969 كان “الفعل المثلي الجنسي” بين الرجال ممنوعاً في ألمانيا. ثم تبع ذلك تعديل في الفقرة 175 من قانون العقوبات. وفي عام 1994 تم إلغاء الفقرة تماماً.
احترام الحياة الشخصية
يعتبر احترام الحياة الشخصية أمراً مهماً لدى الألمان. الألمان متحفظون تجاه دعوة الغرباء أو العابرين لمنازلهم. إن احترام الحياة الشخصية والتراجع أمام رغبة حياة الآخرين هو أمر يجب احترامه. وعلى سبيل المثال لا الحصر، تجد أن الكثير من الآباء الألمان يحترمون خصوصية أطفالهم، وبالذات تجاه المراهقين منهم. حتى أنهم يطرقون باب غرف أطفالهم قبل أن يدخلوا إليها.
العلاقات الجنسية خارج الزواج
تمثل العلاقات الجنسية جزءاً مهماً ومركزياً من الشخصية وتطورها. وقد ظهرت في ستينات القرن الماضي، ما يعرف اليوم “بالثورة الجنسية” والتي حررت العلاقات الجنسية كثيراً. وكافح المثليون جنسياً كثيراً من أجل المساواة في حقوقهم. بالمناسبة، فإن العلاقة الجنسية غدت منذ مدة طويلة غير مرتبطة بالزواج. العلاقة الجنسية مرتبطة بالتالي: قبول الطرف الآخر. إن ارتداء ملابس فضفاضة أو ظهور جزء من الجسد في حال ارتداء ملابس البحر لاتعني أبداً دعوة لممارسة الجنس مع الآخرين.
مفهوم التسامح
يلقى مفهوم التسامح اهتماماً كبيراً من المجتمع الألماني. يمكن لكل شخص ممارسة اعتقاده الديني، أو الجنسي طالما يكون ذلك تحت ظل القانون. ويجب احترام المثليين جنسياً وأصحاب الاعتقادات الدينية الأخرى أو الملحدين.
الحمل والإنجاب
يتم تعليم الأطفال في ألمانيا بالمدارس مبكراً مفاهيم حول العلاقات الجنسية والإنجاب وطرق منع الحمل. ولمكافحة الإصابة بأمراض تناسلية يجب استعمال الواقي الذكري خلال ممارسة الجنس. وهي متوفرة في كل مكان: في الأسواق، في محلات بيع المواد الشخصية والمنزلية، في الصيدليات، كما أن هناك أجهزة أوتوماتيكية لبيعها في النوادي والبارات. فيما تباع حبوب منع الحمل بوصفة من الطبيب. بالنسبة للفتيات تحت سن 20 عاماً، تتحمل شركات التأمين الصحي كلفة الحبوب، فيما تتحمل الفتاة نفسها شراء لولب منع الحمل. وحين يمارس الرجل الجنس مع امرأة، فعليهما التحدث حول مسألة استعمال الواقي الذكري قبل عملية الجماع.