النصيحة التي وجهها الرئيس الألماني السابق واضحة: “احرصي على حماية خصوصيتك!” و “تأكدي من عدم وجود ثغرة تسرب أسرارك، دائما!”.
قال فولف ذلك ثم اعتدل في متكأه الأحمر العميق ونظر بإلحاح للشاعرة البالغة من العمر 23 عاما.
جاء الرئيس الألماني السابق إلى مدينة جوسلار بولاية سكسونيا السفلى مساء أمس الأربعاء ليتحدث عن “الحياة كشخصية عامة” مع الشاعرة الناجحة التي نقرت أعمالها ملايين المرات على الإنترنت.
عبر فولف عن قلقه بشأن تراجع الاستعداد بين الألمان لتقلد وظائف عامة مبررا ذلك خلال مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) قبل اللقاء العام بأن من يقدم على تولي هذه الوظائف يعرض نفسه أكثر للمعاناة الشديد من صيحات السخرية والاستهجان ” بل وربما الأضغان”.
أضاف فولف: “لهجة التعامل في الإنترنت بشكل خاص تكون غالبا وقحة و جارحة… وليس كل إنسان يستطيع تحمل ذلك” … “وذلك على الرغم من أن السياسيين أفضل مما يعرف عنهم، كما أن الديمقراطية بحاجة لأشخاص نشطين وفاعلين”.
امتلأت القاعة بالحضور “وكان الاهتمام بهذا اللقاء هائلا حيث كان بوسعنا توزيع بطاقات حضور أكثر مما فعلنا” حسبما أكد عمدة مدينة جوسلار، أوليفر يونك، العضو بالحزب المسيحي الديمقراطي الذي ينتمي إليه فولف وترأسه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
ساد جو أريحي خلال اللقاء قدمت خلاله الشاعرة الشابة عينة من أعمالها لاقت استحسان الحاضرين وتصفيقهم، كما بدا فولف بسيطا مرتديا بزة بسيطة دون رابطة عنق.
وأعجب فولف بشعر انجلمان وقال إنه انتبه إليها بسبب تقارب سنها مع سن ابنته.
أشار فولف إلى المعاناة الشخصية التي تحملها بسبب ما أثير بشأن سلوكياته المالية كرئيس اتحادي لألمانيا وكريس وزراء لولاية سكسونيا السفلى وانتقاد وسائل الإعلام لطريقة تعامله معها وهو ما أدى في النهاية لاستقالة فولف.
رأى فولف أنه من الطبيعي بل والمطلوب أن ينشغل الرأي العام برجال السياسة ولكنه شدد على ضرورة أن يكون هذا التعامل موضوعيا “وباحترام وتقدير” لهذه الشخصيات.
وانتقد فولف طريقة تعامل الإعلام معه ومع أسرته وقال إنه وجد صعوبة في تحمل هذه الطريقة وذكر على سبيل المثال أنه كان يعاني من “التصوير المتربص به” وقال إن مصورا اختبأ ذات مرة بحاوية قمامة لاختلاس صور من داخل حياته الشخصية.
كما أكد فولف أن عدم احترام العمل السياسي وازدراء السياسيين خاصة عبر الإنترنت من الأسباب التي تخفض إقدام الناس على العمل في السياسة خاصة وإن السياسيين لا يقابلون غالبا سوى بالنقد ولا يكاد يكون هناك ثناء عليهم.
أثنى فولف على عمل المستشارة الألمانية وقال إن المستشارة تقوم بعمل جيد في “هذا الوضع العصيب” وإنه يكن “احتراما كبيرا” لوزير خارجيتها فرانك فالتر شتاينماير.
وعبر فولف عن رضاه بالبعد عن الأضواء الإعلامية وقال إنه “لشيء رائع” ألا يضطر الإنسان لأن يكون تحت الأضواء العامة بالشكل الذي كان عليه عندما كان رئيسا لألمانيا مضيفا: “القرب المباشر بالمواطنين كما نفعل هذا المساء في جوسلار، هذه هي رسالتي التي أراها”.
ثم دخل فولف في فاصل من الدفاع الشديد عن أوروبا وقال إنه على الرغم من أن بوسع الألمان أن يفتخروا ببلدهم ألمانيا وما قدمته لهم إلا أنه إذا لم تظهر ألمانيا بشكل موحد فستفقد جميع نفوذها في العالم.
وأوصى الرئيس الألماني السابق المشككين في أوروبا بـ “الذهاب لمقابر الجنود”.
وأكد فولف موقفه السابق والمعروف عنه من الإسلام في ألمانيا وخاصة جملته الأسطورية “الإسلام جزء من ألمانيا” التي اشتهر بها وانتشرت في الأوساط السياسية والاجتماعية في ألمانيا وقال إن هذه الجملة أصبحت تنطبق اليوم أكثر من الماضي مضيفا أن من بين هؤلاء ملايين المسلمين بدينهم و مساجدهم و معلمي الدين و أئمتهم “ولن يندمج في هذا المجتمع سوى الناس الذين يتمتعون بالمساواة و يشعرون أنهم مقبولون في المجتمع”.
تابع فولف: “من يقول إن المسلمين لا ينتمون لألمانيا عليه ألا يتعجب عندما تكون هناك مشاكل في الاندماج”.
وحذر فولف جمهور الحاضرين من الانسياق وراء أدعياء الحلول السريعة وقال: “هذا كله سخف”.
من: ماتياس برونرت (المصدر: د ب أ)