على الرغم من الحداثة التي شهدتها العاصمة الألمانية برلين خلال السنوات الأخيرة، إلا أنها لا تزال تحتضن أماكن تعود بك إلى أيام الحرب الباردة لتجعلك تتجول في بلدين في نفس الوقت: ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية. وسوف تصادف مباني وساحات تٌشعرك وكأنك في عام 1989. هنا، نقدم 3 أماكن بارزة:
جبل الشيطان
“”تويفلسبيرغ” أو جبل الشيطان: هو تلة شهيرة في برلين تم بناؤها من أنقاض المباني التي دُمرتها الحرب العالمية الثانية، واستخدمتها وكالة الأمن القومي الأمريكي في خمسينيات القرن الماضي كمحطة للتنصت، حيث كانت على مدار عقود عبارة عن مركز للتنصت على الاتصالات العسكرية من ألمانيا الشرقية ودول حلف واسو إبان الحرب الباردة. وقد تخلى الجيش الأمريكي عن هذه المنشأة عقب سقوط جدار برلين، لتصبح مع قببها البيضاء معلماً سياحياً لا يزال يلفه الغموض إلى اليوم.

منشأة التنصت تويفلسبيرغ في برلين
وبعد أن ظلت هذه المنطقة العسكرية محظورة على الجمهور لسنوات طويلة، أصبحت اليوم منطقة مفتوحة أمامهم، إلا أنه لا يُسمح بالدخول إلى محطة التنصت “تويفلسبيرغ” إلا من خلال جولات يقودها مرشدون متخصصون.
يتكوّن هذا المكان التاريخي من ركام. ففي زمن الاشتراكية القومية كان يوجد هنا مبنى المدرسة الفنية التابعة للقوات المسلحة. وقد تم تفجيره بعد الحرب وتكديس 25 مليون متر مكعب من أنقاض برلين هنا. ولذ، فإن “تويفلسبيرغ” الذي أخذ اسمه من بحيرة “تويفيلس زيه” (بحيرة الشيطان) القريبة والذي يتكون فعلياً من جبلين، أصبح أعلى نقطة في برلين بارتفاع 114,7 متراً. بالطبع إلى جانب التلال المشجرة “موغيل بيرغه”.
وتوفر التلة إطلالات على غابة “غرونه فالد” وعلى مدينة برلين وصولاً إلى نهر هافل. فإلى الشرق يتراءى في أفق الشمس برج التلفزيون “فيرنزيه تورم” وكاتدرائية برلين “برلين دوم”. وإلى الغرب تجوب القوارب الشراعية البيضاء المياه البراقة. كما يمكن مشاهدة غابة “غرونه فالد” التي تمتد على أطراف برلين.
ومنذ سقوط جدار برلين تحولت تلة “تويفلسبيرغ” فعلياً إلى منطقة محبوبة للعطلات القصيرة لدى أهل المدينة. ففي الشتاء تصبح المنطقة المكان المناسب للتزلج واللعب بالثلج. وفي الصيف يلتقي الناس هنا للقيام بالنزهات أو التمتع بالمنظر الرائع لغروب الشمس، وكذلك زيارة بحيرة “تويفلسزيه” المجاورة. كما يمثل جبل الشيطان مكاناً شعبياً لتطيير الطائرات الوراقية وممارسة الطيران الشراعي وركوب الدراجات الجبلية ورياضة المشي على مدار العام.
ساحة الكسندر وبرج التلفزيون
في ساحة الكسندر “الكسندر بلاتس” يوجد برج التلفزيون الذي يبلغ ارتفاعه 368 متراً، ومايزال يعتبر أطول مبنى في برلين، فضلاً عن كونه واحداً من أهم المعالم السياحية والمواقع الأكثر جاذبية فيها. في الواقع، تم إنشاء هذا المبنى في ستينيات القرن الماضي من قبل ألمانيا الشرقية التي كانت ترغب في إثبات تفوقها التقني من ناحية وأن تُوجد جهاز إرسال ذو أداء قوي يصل بثه إلى كل أنحاء البلاد من ناحية أخرى.

برج التلفزيون في ساحة الكسندر بلاتس
وخلال تواجدك في هذا البرج سوف تستمتع بإطلالة شاملة مذهلة على المدينة، فمن ارتفاع 203 و207 متراً يمكنك رؤية المدينة كلها مع معالمها السياحية الكثيرة مثل البوندستاغ وبوابة براندنبورغ ومحطة القطارات الرئيسية “هاوبت بانهوف” وكذلك أيضاً الاستاد الأولمبي وجزيرة المتاحف “موزيومس إنزل” وساحة بوتسدام “بوتسدامر بلاتس”. وقد تتمكن من مشاهدة مناظر خلابة تصل إلى مسافة 40 كم عندما تكون السماء صافية. كما يوجد في برج التلفزيون مقهى “تيله كافيه” الذي يدور حول محوره مرة واحدة تمتد لنصف ساعة. ويبدو أن هذا المقهى مايزال مفعم بالذكريات، فهو ولم يتغير كثيراً منذ كان إريك هونيكر زعيماً لألمانيا الشرقية، حيث تجد فيه أطباقاً مثل لحم العجل مع فطائر البطاطا. ولكي تتمكن من دخول المقهى وتحظى بمنظر الغروب الرائع، فمن الأفضل أن تحجز مبكراً من خلال شبكة الإنترنت قبل عدة أسابيع على الأقل.
نقطة التفيتش شارلي
كانت “نقطة التفيتش شارلي” تمثل رمزاً للانقسام بينما تعد اليوم شاهداً تذكارياً على انقسام ألمانيا إلى دولتين “شرقية وغربية”. وي هذا المكان يمكن للمرء أن يستشعر أجواء الحرب الباردة أكثر من أي مكان آخر في العالم. لكن الحواجز والمضايقات وأبراج الحراسة لم تعد موجودة اليوم. يوجد هناك فقط “نقطة التفتيش شارلي” التي ليست سوى نسخة طبق الأصل عن أماكن المراقبة التي كانت سائدة قديماً.

نقطة التفيتش شارلي
عند التواجد في هذه المنطقة، يمكن للمرء أيضاً زيارة بقايا جدار برلين بالإضافة إلى متحف الجدار “ماور موزيوم” الذي يقع بالقرب من نقطة التفتيش ويمكن الوصول إليه مشياً على الأقدام. وتمثل النقطة المحورية للمعرض مجموعة من الوثائق المتعلقة بمحاولات الهروب الناجحة والفاشلة بالإضافة إلى نماذج مختلفة عن الوسائل التي تم استخدامها للهروب من ألمانيا الشرقية.
إعداد: قيس الجاموس