سواء تعلق الأمر بالفن أو علم الآثار، التاريخ أو التكنولوجيا، فهناك أكثر من 180 مرفقاً في برلين ترضي جميع الأذواق مع مجموعات فنية مؤثرة ومفاهيم حديثة للمعارض. فبرلين تعتبر مدينة المتاحف. وهي تضم كنوز من ثقافات العالم، مثل مذبح برغامون أو التمثال الشهير عالمياً للملكة المصرية نفرتيتي، تتحول سنة بعد سنة إلى أبرز المعالم التي يتوافد إليها الزوار القادمون من جميع أنحاء العالم. ولكن هناك متعة فنية أخرى وعلى أعلى مستوى تتمثل في لوحات لفنانين كبار وشباب، بدءاً من “جيوتو” وحتى “كارافاجيو”، ومن “ريمبراندت” وحتى “بيكاسو”.
وتعد جزيرة المتاحف “موزيومس إنزل” في قلب برلين أكبر مجمع متاحف في العالم كما أنها مدرجة في قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي. تضم الجزيرة 5 مبان تاريخية، تعرض أكثر من 6000 سنة من تاريخ الفن والثقافة: المتحف القديم، المتحف الجديد، المعرض الوطني القديم، متحف بوده، ومتحف “برغامون” الذي يمثل المزار الأكبر في برلين، حيث يجذب سنوياً حوالي نصف مليون زائر.
ويمثل المتحف القديم أحد خمسة متاحف في جزيرة برلين للمتاحف “موزيومس إنزل”. ولقد تم بناؤه في الفترة بين 1823 إلى 1830 وفقاً لخطط كارل فردريك شينكل، وهو يعتبر من أروع نماذج العمارة الكلاسيكية. ويعرض المعرض الدائم الذي يسمى” التحف القديمة في المتحف القديم” (وهو عبارة عن مجموعة من التحف الكلاسيكية والكنوز الذهبية) الفن والنحت الإغريقي والروماني
ويستضيف الطابق الرئيسي الذي تم تصميمه حديثاً في المبنى معرضاً للتماثيل الحجرية والإشكال البرونزية والصلصالية والمصنوعة من الأنسجة الصوفية الغليظة وأواني الزهور والمصوغات الذهبية والمصوغات الفضية القيمة التي تُعد تحف إغريقية. وتُعرض أشكال من الفن الروماني مثل صور قيصر وكليوباترا والتوابيت الحجرية وصور الفسيفساء والصور الجصية وصور توابيت الرومان والفراعنة القدماء. وبعد الانتهاء من كل أعمال الترميم الأساسية في المبنى سوف يتم إلقاء الضوء بصورة أخص على فن شعب الأترسكانيون.
ويعرض المتحف الجديد “نوييس موزيوم” الذي تم افتتاحه في أكتوبر عام 2009 بعد أن قام المعماري دافيد شيبرفيلد بترميمه بصورة رائعة، كنوز المتحف المصري ومجموعة أوراق البردي ومجموعة متحف ما قبل التاريخ وفجر التاريخ وجزءاً من مجموعة التحف القديمة كما يقدم جزءاً من العروض الجديدة أمام الزوار التي تسبر أغوار الأصول البشرية للإنسان.
ويمكن للزوار استكشاف تاريخ العالم القديم من الشرق الأدنى إلى الأطلسي ومن شمال أفريقيا إلى سكاندينافيا الذي يرجع للآلاف من السنين. كما يتم استعراض تطور ثقافة أوراسيا في مرحلة ما قبل التاريخ وفي فجر عمرها ومن العصر الحجري القديم إلى العصور الوسطى والقريبة بعمق وبشكل مفصل.
كما يتم مزج الكنوز الأثرية الشهيرة مثل تمثال نفرتيتي والمجموعة الكاملة للمتحف المصري لفن العمارنة ومجموعة أوراق البردي مع العروض العالمية الشهيرة من متحف ما قبل التاريخ وفجر التاريخ مثل جمجمة نياندرتال التي عثر عليها في مدينة موستيه ومجموعة التحف الخاصة بهنريك شليمان من طروادة التي تقدم منظر شامل فريد لفجر التاريخ البشري
ويتحدث مبنى المتحف عن نفسه: تم تصميمه وفقاً لتخطيط فردريك أوغست شتولر عام 1841 -1859 ولقم تم ترميمه بشكل كامل منذ عام 2003 تحت إشراف المعماري البريطاني دافيد شيبرفيلد. قام بتثبيت الجزء الرئيسي من المتحف بالأسلوب المعماري المتميز الذي نعرفه اليوم. وكانت النتيجة هي مزيج من الكلاسيكية الحديثة لشتولر الغنية بعناصر الجذب مع الحوار البهيج الذي ينطق من الصيغة الغوية الدقيقة لأعمال شيبرفيلد.
ويقدم المعرض الوطني القديم في جزيرة المتاحف في برلين مجموعة من فنون القرن التاسع عشر في الفترة ما بين الثورة الفرنسية والحرب العالمية الأولى ومن الكلاسيكية إلى الانفصالية. وتوجد علاقة ممتازة ومتمازجة بين المجموعة ومبنى المتحف. ولقد تم تصميم صالة العرض هذه تحت إشراف “هينريك ستراك” وفقاً لتخطيط “أوغست شتولر” في الفترة ما بين 1867 و1876 ووفقاً للكيفية التي كانت تبنى بها المنازل التي تعرض أجمل مجموعات الرسوم والنحت في هذا القرن. ومن خلال أخذ جولة في هذا المتحف، يستطيع المرء سبر أغوار الفن الفريد والمعمار الذي يرجع إلى القرن التاسع عشر.
وتشمل أهم مكونات المجموعة تمثال “الأميرتين” الشهير الذي يجسد صورة الأميرة “لويز” والأميرة “فردريكه”. ومن أروع ما يعرضه المتحف أشهر أعمال “أدولف فون مينزل” “الحجرة ذات الشرفة” الذي يعود إلى عام 1845. ويعرض هذا المتحف أيضا روائع “أدولف فون مينزل” و”أدوارد مانيت” و”كلود مانيت” و”أوغسته رينور” و”كاسبر دافيد فردريك” و”بول سيزانيه” و”أوغست رودين” و”أنسيلم فوبرباخ” و”أرنولد بوكلين” و”هانز فون ماريز” و”ماكس ليبرمان” و”لوفيس كورينث“.
وبدوره، فإن متحف بوده، الذي تم فتحه في جزيرة المتاحف في برلين أمام العامة في أكتوبر عام 2006، وذلك بعد الانتهاء من عمليات ترميم واسعة، فهو يضم 3 أجنحة، ويقع في أعلى نقطة شمالية في الجزيرة مع امتداد نهر شبريه مباشرة. فعند النظر إلى المتحف من الماء يبدو وكأنه سفينة عملاقة تمخر عباب الماء.
وهنا، تنتظر الزوار 3 أشياء مشهورة على المستوى الدولي وهي مجموعة تماثيل النحت (تماثيل من العصور المبكرة والوسطى حتى أواخر القرن الثامن عشر) ومتحف الفن البيزنطي (فن من الإمبراطورية الرومانية الغربية والبيزنطية من القرن الثالث إلى القرن الخامس عشر) وخزانة العملات ومعها صالة صالة عرض للأطفال خصيصاً
ومن أهم ما يوجد في المتحف من الفن البيزنطي هو التوابيت التي تعود إلى عصور قديمة وبقايا توابيت من روما وتماثيل نحت من الإمبراطورية الرومانية الشرقية ونحوت قيمة من العاج وأيقونات من الفسيفساء تذكر بالفن البيزنطي في المحاكم. كما تحتوى المجموعة الضخمة المعروضة في المتحف على عملات إغريقية ويونانية قديمة وعملات إسلامية مزخرفة وعملات من العصور الوسطى من مناطق في شرق أوروبا وكل ذلك موجود في خزانة العملات. تدعوا مجموعة النحت الزوار إلى التنزه في المتحف ليرون الفن الرمزي من العصور الوسطي وحتى أواخر القرن الثامن عشر بينما يستمتع الصغار من محبي الفن في صالة العرض المخصصة للأطفال ويجربون أشياء كثيرة دائمة التغير هناك.
أما متحف بيرغامون، الذي له نصيب الأسد من الزيارات في برلين، فيضم كنوزاً كلاسيكية ممتازة، مثل مذبح زيوس وبوابة عشتار والغرفة الحلبية وواجهة قصر المشتى.
ويوجد في هذا المبنى الرائع: مجموعة التحف الكلاسيكية التي تشغل الصالات المعمارية وجناح النحت والمتحف الأوسط الشرقي ومتحف الفن الإسلامي. ولقد تم أيضاً إعادة فتح خزانة فن العملات الكلاسيكية مع مجموعة العملات المختارة من خزانة العملات في أكتوبر 2009.