مع ما تزخر به فرانكفورت من ثقافات مختلفة تعيش إلى جنب بعضها البعض، يطغى التنوع على هذه المدينة ذات المناخ المضياف والمنفتح، حيث سيجد كل قادم إلى فرانكفورت من يتحدث لغته، كما سيجد مطعماً يقدم له طبقه المفضل. فهذه المدينة تعد موطناً لمعرض الكتاب الدولي، ومسقط رأس الشاعر والأديب الالماني الشهير يوهان فولفغانغ فون غوته. كما يتزين نهرها (نهر الماين) بعقد ثقافي يتمثل في “ضفة المتاحف”.
تتفرد فرانكفورت بأجواء فنية وثقافية قل نظيرها. فبالإضافة إلى شهرتها بمعرض الكتاب الدولي وامتلاكها لثالث أكبر أرض معارض في العالم، فإنها تضم الكثير من الأماكن والمرافق والمراكز الثقافية والفنية الجذابة. فبالقرب من الميدان الشهير “رومربيرغ” الذي يتواجد فيه مبنى البلدية (رومر)، يقع المتحف التاريخي الذي يضم مجسماً كاملاً للمدينة القديمة قبل تعرضها للدمار. كما يضم المتحف رموز سلطة القيصرية الرومانية، مثل “تفاحة الرايخ” و”صولجان الحكم” وهي نسخ طبق الأصل عن هذه القطع التاريخية المحفوظة في فيينا. كما تقع بالقرب من المتحف كنيسة نيكولاي القديمة التي كانت منذ العام 1290 وحتى القرن 14 الكنيسة الخاصة بالبلاط القيصري.
أما عند توجهك إلى “بيت غوته”، فسوف تتعرف على مسقط رأس الشاعر والأديب الالماني الكبير يوهان فولفغانغ فون غوته، فقد قضى في هذا البيت معظم حياته المبكرة في كتابة الأعمال الأدبية مثل رواية “آلام الشاب فرتر” وبدايات مسرحية “فاوست” الشهيرة. ولا تستغرب إن سمعت في هذا البيت الكثير من اللغات العالمية، فهذا المكان يزوره الكثير من المعجبين وعشاق الأدب والثقافة من كل قارات العالم.
وبملاصقة “بيت غوته” مباشرة يقع “متحف غوته” الذي يعرض مجموعة واسعة من اللوحات والوثائق التي تمثل حياة غوته وأوقاته كما يحتوي على العديد من الأعمال الفنية، مما يوضح العلاقة الوثيقة بين الأديب والفن والفنانين.
وبما أن الثقافة لا تنفصل عن الطعام، فيمكن لزوار فرانكفورت اختبار واحد من أقدم بيوت القهوة في فرانكفورت، والمتمثل في مقهى (فاكر كافيه). ففي الماضي، اشترى يوهانس فولفانغ فون غوته، ابن فرانكفورت الأكثر شهرة، حليباً من المتجر المتواجد في زقاق “كورن ماركت 9”. وفي عام 1914 ابتدأ “فاكر كافية” أعماله هنا، ومنذ ذلك الحين والعائلة تدير هذا المقهى. ويجد المرء هنا الكعك المعد منزلياً والحلويات وبالطبع القهوة المحمصة الطازجة.
ومن المعروف عن غوته كشاب أنه كان يبحر مع أصدقائه في الكثير من الأحيان إلى “فرانكفورت- هوكست” ” ليقضي المساء في واحد من النزل الكثيرة المنتشرة حول ساحة قلعة هوست أو للقيام بزيارة مصنع هوست للخزف. ولم تتغير البلدة القديمة كثيراً منذ أيام غوته. وفي فصل الصيف تنطلق القوارب من وسط المدينة بشكل منتظم وتحديداً من جسر “أيزرنه شتيغ” إلى “هوكست” في رحلة بحرية مفعمة بالحنين.
أما عند السير من عند مبنى “رومر” باتجاه نهر الماين فستحظى بنزهة ممتعة على طول ضفة النهر. وبعبور النهر إلى الجهة الجنوبية ستصل إلى منطقة “زاكسنهاوزن”، حيث تجد العديد من الحانات والمطاعم التي تقدم المأكولات التقليدية وأنواع المشروبات اللذيذة. ويتميز العشاء في منطقة “زاكسنهاوزن” القديمة بطابع خاص، فهذه المنطقة تمثل نموذج البساطة الألمانية ويوجد فيها العديد من الحانات والأزقة الضيقة والعمارة النصف خشبية الجميلة.
ويتميز نهر الماين بوجود “ضفة المتاحف”، التي تخبئ لعشاق الثقافة مجموعة متنوعة ورائعة، بدءاً بالهندسة المعمارية والأفلام ووصولاً إلى الفن الحديث، بالإضافة طبعاً إلى العديد من المعروضات الأخرى والمتقنيات والمنحوتات القديمة. وبإمكان أصدقاء الفن شراء تذكرة ضفة المتاحف (موزيوم أُفر تيكت) التي تتيح لهم فرصة زيارة الكثير من المتاحف لمدة يومين كاملين ولعدد غير محدود من مرات الدخول. وهذه الخدمة متوفرة أيضاً في صورة تذكرة سنوية تسمى بطاقة ضفة المتاحف (موزيوم أُفر كارد). ويمكنك الحصول على التذاكر لدى مراكز الاستعلامات الخاصة بالسياح أو لدى المتاحف المشتركة.
كما تزخر فرانكفورت بالعديد من خيارات الأوبرا، مثل: أوبرا فرانكفورت، المسرح الإنكليزي، الأوبرا القديمة: يقام في دار الأوبرا القديمة العريقة الكثير من الفعاليات، وهي تستقبل عاماً بعد عام نجوم المسارح المحلييين والعالميين. وبدورها تتصف أوبرا فرانكفورت التي حازت على جائزة، بأنها جزء لا يتجزء من الحياة الثقافية في فرانكفورت. أما المسرح الإنكليزي، الذي تأسس عام 1979، فهو يعد اليوم أكير مسرح باللغة الإنكليزية في القارة الأوروبية.
ولدى مدينة فرانكفورت مجموعة واسعة من الأحداث المثيرة والخاصة المخصصة للسكان المحليين والزوار على مدار العام بأكمله، كمهرجان ضفة المتاحف وسوق عيد الميلاد على سبيل المثال، اللذان يعتبران من أكبر الأحداث وأكثرها شعبية في حاضرة الماين. وعلاوة على ذلك، هناك احتفالات أخرى، مثل مهرجانات الشوارع، التي تقام بانتظام في العديد من أحياء المدينة، يضاف إلى ذلك العديد من المعارض الخاصة ومجموعة متميزة من الفعاليات الرياضية الوطنية والدولية الجذابة.